كورة 180

على طريقه ”والله زمان ياسلاحى” .. بطولة كأس العرب جمعت شمل الأشقاء وخطفت الأنظار من ”الكان ”

الجمعة 26 ديسمبر 2025 11:40 صـ 6 رجب 1447 هـ

جوائز البطولة كشفت عجز "الكاف" .. ومنافسة تاريخية على الحضور الجماهيري بعد تخطيها حاجز المليون

المدرب الوطنى كسب بالقاضية .. والأجنبي لم يشفع له التاريخ

بقلم / د.محمد مختار أبو دياب

كأس العرب "عادت شمسك الذهب" ، تلك الجملة الخالدة جاءت كمقطع من اغنية للمطربة اللبنانية فيروز والتى شدت بها عام 1976 فى إشارة إلى حبها وآخرها واعتزازها بمصر قلب العروبة ،وغيرها الكثير من المقاطع الحماسية التى رددتها الجماهير العربية مع انطلاق بطولة بطولة كأس العرب FIFA قطر 2025 التى استضافتها قطر يوم 1 ديسمبر الحالى ، وحتى ختامها يوم 18 من نفس الشهر ،والذى شهد نهائي تاريخى بين المغرب والأردن ، انتهى لصالح اسود الأطلس بنتيجة 2/3 وتتويجهم بالذهب ، فى المقابل خرج النشامى مرفوعى الرأس رغم الخسارة ويكفى أن وصول الفريق للنهائي يؤكد أن الفريق يسير فى طريق الإنجازات بعد الحصول على وصافة كأس آسيا والصعود لكأس العالم المقبلة.

فى الماضى كان البعض يعتبر بطولة كأس العرب مجرد بطولة وديه ليس لها مردود ايجابى حقيقى ،خاصة وانها لا تخضع لاشراف الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" ، كما أن البطولات السابقة كانت تشهد حالات شد وجذب بين الاتحادات ورفض بعضها المشاركة من الأساس فى ظل ازدحام الأجندة بالمباريات المحلية والدولية ، حتى جاءت بطولة كأس العرب عام 2021 والتى أقيمت للمرة الأولى تحت إشراف "فيفا " وفاز بلقبها منتخب الجزائر، لتتغير النظرة كليه إلى البطولة التى أصبحت تؤثر فى تصنيف المنتخبات،كما أصبحت تمنح جوائز مالية جيدة ،والأهم أن البطولة تحظى باقبال جماهيري كبير.

وجاءت البطولة الأخيرة التى استضافتها قطر لتؤكد المكانة التى وصلت إليها تلك البطولة ، وعلى الرغم من مشاركة المنتخبات الأفريقية فيها بالصف الثاني بسبب ارتباط تلك المنتخبات بالمشاركة فى كأس الأمم الأفريقية التى انطلقت يوم الأحد الماضى ، الا ان المنافسة أكدت وبما لايدعم مجالا للشك أنها خير وسيلة لتعزيز العلاقات بين الشعوب العربية .

وشهد انطلاق النسخة الأخيرة منافسة نارية كان نتيجتها صادمة لعشاق بعض المنتخبات التى كات مرشحة للقب مثل قطر الدولة المنظمة ومصر والعراق الذين ودعوا المنافسات من الدور الأول، بينما كانت نتائجها مثل اكسير السعادة لجماهير منتخبات أخرى مثل فلسطين وسوريا والأردن التى حققت ما كانت تصبو إليه على مستوى النتائج المتميزة والأداء الراقي

وبعيدا عن الأرقام الإجمالية للبطولة ، التى تحدثنا عنها كثيرآ ولكن يكفى هذه البطولة فخرا أنها أعادت الحماس والإثارة للملاعب العربية على طريقة "والله زمان يا سلاحى" تلك الأغنية التى خطها بقلمه الشاعر الكبير الراحل صلاح جاهين ولحنها الموسيقار القدير الراحل كمال الطويل،وشدت بها سيدة الغناء العربي كوكب الشرق ام كلثوم عام 1956 والتى تشير إلى الوحدة الوطنية والتلاحم والتحدى، وكانت دائما تلهب الحماس وتحدث تفاعل كبير يين الجماهير العربية ليس فى الرياضة فقط، بل فى كافة مجالات الحياة.

وكانت الجماهير التى حطمت الرقم القياسي فى حضور مباريات البطولة مثلا يحتذى به فى التشجيع المثالى ولم تشهد المباريات ايه أزمات حقيقية او خروج عن النص مثلما كان يحدث فى الماضى.

وشهدت منافسات النسخة الحادية عشرة من البطولة مستويات تنظيمية وجماهيرية وفنية مبهرة، حيث أن قطر نجحت في جمع الشعوب العربية في نسخة استثنائية للبطولة ، كما شهدت حضورا جماهيريا حطم كل الأرقام القياسية، حيث عاش المشجعين أجواء مثالية وعرفوا تجربة استثنائية في الملاعب المونديالية التي احتضنت الحدث ، وتعد هذه النسخة من البطولة الأولى في تاريخ المسابقة يتخطى عدد الجماهير فيها حاجز المليون مشجع .

وحققت البطولة رقماً قياسيًا في الحضور الجماهيري وذلك عقب نهاية منافسات دور المجموعات فقط حيث سجلت رقماً غير مسبوق بتواجد 812,318 مشجعا خلال المباريات الـ24 التي جرت حتى الآن، بفارق كبير عن الرقم القياسي المسجل في النسخة السابقة التي جرت في قطر ايضًا عام 2021.

وكان الرقم القياسي السابق للحضور الجماهيري والمسجل في النسخة العاشرة والبالغ 571,605 مشجعين، قد تم كسره مبكرا جدا، وذلك في المباراة رقم 18 من النسخة الحالية، وتحديدا عقب مباراتي الجولة الأخيرة من منافسات المجموعة الأولى عندما وصل العدد الإجمالي للحضور حينها 598,290 مشجعاً.

كما سجل نهائي كأس العرب 2025، الذي جمع بين المغرب والأردن رقمًا قياسيًا في عدد الحضور الجماهيري لمباراة بتاريخ البطولة ، وشهدت المباراة التي أقيمت على ملعب لوسيل حضور 84517 متفرج لتسجل أكبر حضور جماهيري في تاريخ البطولة متخطية الرقم القياسي السابق والذي سجلته مباراة السعودية والمغرب التي حضرها 78131 متفرج في دور المجموعات من النسخة الحالية.

الحضور الجماهيري "المليونى" الذى وضع الكان فى مأزق فى ظل المقارنة بين الحضور الجماهيري فى البطولتين دفع اللجنة المنظمة لكان لفتح الأبواب مجانا للجماهير فى بعض المباريات ، لم يكن الحضور الجماهيري لكأس العر هو الرقم القياسى الوحيد ، بل ان البطولة حطمت الأرقام القياسية "ماليا" ، إذ بلغت قيمة جوائزها 36.5 مليون دولار، لتكون بذلك البطولة الأغلى في تاريخ المسابقات الإقليمية، متفوقة على بطولة قارية عريقة مثل كأس الأمم الأفريقية التى بلغت جوائزها 32 مليون دولار فقط ، وهو ما جعل البطولة التى يشارك في منافساتها 16 دولة أفريقية وآسيوية هدف الجميع وأكد على مكانتها الكبيرة عالميًا.

وبالنظر إلى جوائزها مقارنة بكأس الأمم الأفريقية نجد أن بطل كأس العرب حصل على أكثر من 7 ملايين دولار، ويبلغ نصيب الوصيف 4.3 مليون دولار، بينما البطل البرونزي للبطولة حصد 2.86 مليون دولار وصاحب المركز الرابع 2.1 مليون دولار ، كما أن جميع المنتخبات المشاركة في البطولة حصلت على 715 ألف دولار نظير المشاركة، والمتأهلون من دور المجموعات حصل كل منهم على 1.07 مليون دولار.

فى المقابل نجد أن جوائز الكاف لم تصل إلى هذا الرقم حيث أن جوائز كأس أمم أفريقيا 2025 التى تستضيفها المغرب حاليا توقفت عند مبلغ 32 مليون دولار ، يحصل خلالها البطل على مكافأه 7 ملايين دولار ، بينما يحصد الوصيف على 4 ملايين دولار ، و 2.5مليون دولار مكافأة التأهل إلى الدور نصف النهائي ، و 1.3مليون دولار مكافأة التأهل إلى الدور ربع النهائي ، و800 ألف دولار مكافأة التأهل إلى دور الـ 16 ، و 700 ألف دولار مكافأة صاحب المركز الثالث في دور المجموعات ،بالإضافة إلى 500 ألف دولار مكافأة صاحب المركز الرابع.

جوائز كأس العرب فجرت العديد من التساؤلات كيف لبطولة غير مدرجة فى بطولات فيفا الرسمية تقدم مثل هذه الجوائز، فى المقابل أن الاتحاد الأفريقي لكرة القدم "كاف" بكل تاريخه العريق ومكانته وما تضمه منتخبات أفريقيا من نجوم متألقين فى كل الدوريات العالمية الكبرى يعجز عن ذلك الوصول لهذا الرقم والأغرب أن بطولة الكاف يشارك بها 24 منتخبا بالصف الأول، مقابل 16 منتخبا فقط فى كأس العرب شارك فيها 6 منتخبات أفريقيا بالصف الثاني لظروف ارتباطها بالمشاركة فى كأس الأمم الأفريقية والتى انطلقت بعد أيام قليلة من انتهاء منافسات كأس العرب وهى منتخبات مصر وتونس والجزائر والسودان وجزر القمر بالإضافة إلى المغرب التى فازت باللقب، وهو ما يؤكد على عدم قدرة الكاف تنظيميا وفشله فى تسويق البطولة التى تنافس كأس الأمم الأوروبية فى مكانتها.

من الأثار الإيجابية أيضآ التى اكدتها منافسات كأس العرب أنها اثبتت قدرتها على صناعة النجوم بما قدمته من لاعبين صغار السن وحتى اللاعبين الكبار نجحت البطولة فى إعادة البريق إليهم

وشهدت البطولة الأخيرة ظهور مجموعة متميزة من اللاعبين أمثال مازن فضل لاعب منتخب جنوب السودان واصغر لاعب فى البطولة حيث يبلغ من العمر 17 عاما فقط ، وهناك أيضآ محمد جمعة المنصور أصغر لاعب في قائمة الأمارات والذى لم يتجاز عمره 19 عام ، وكذلك عودة الفاخوري لاعب منتخب الأردن صاحب الـ 20 عام ، وأحمد فاقا مدافع منتخب سوريا صاحب ال22 عاما

كما شهدت البطولة دخول مجموعة من اللاعبين مرحلة النجومية أمثال أشرف عبادة لاعب منتخب الجزائر ، وسالم الدوسري لاعب السعودية الملقب ب "التورنيدو الأخضر"، وكريم البركاوي لاعب منتخب المغرب ، وحامد حمدان لاعب منتخب فلسطين ، وعلى علوان نجم الأردن، ورضوان بركان نجم منتخب الجزائر، ومهند على لاعب منتخب العراق، وأمين زحزوح لاعب منتخب المغرب ، ونزار رشدان نجم وسط ملعب الأردن ومحمد كنو لاعب خط وسط المنتخب السعودي ويحيى الغساني نجم الإمارات ، بالإضافة إلى يزن النعيمات أبرز نجوم المنتخب الأردني الذى تعرض للإصابة بالصليبى.

البطولة أيضآ كتبت شهادة ميلاد جديدة لبعض المدربين الوطنيين الذين أثبتوا تفوقهم الكاسح أمثال المغربى طارق السكتيوي المدير الفنى لأسود الأطلس، والمغربي جمال سلامي المدير الفني لمنتخب الأردن ، والفلسطيني إيهاب المدير الفني للمنتخب الفلسطيني والجزائري مجيد بوقرة المدير الفني للأخضر.

فى المقابل فشل عدد كبير من المدربين الأجانب اصحاب الخبرات الكبيرة والتاريخ الطويل فى وضع بصمتهم واصابهم الفشل الذريع فى البطولة يتقدمهم الإسباني جولين لوبتيجي المدير الفنى لمنتخب قطر والذى سبق له قيادة منتخب إسبانيا ، والفرنسي المخضرم هيرفي رينارد المدير الفني للسعودية، والبرتغالي الداهية كارلوس كيروش، الذي اشتهر بتدريبه للعديد من المنتخبات والأندية الكبرى، أبرزها منتخب البرتغال ومصر وإيران ومانشستر يونايتد وريال مدريد ، والأسترالي جراهام أرنولد المدير الفنى للمنتخب العراقي،وللذى سبق له قيادة منتخب بلاده في كأس العالم 2022 و2026، والكرواتي دراجان تالاييتش مدرب البحرين وهو من المدربين المخضرمين في الخليج،والإسباني خوسيه لانا المدير الفنى لمنتخب سوريا ، والبرتغالي هيليو سوزا المدير الفني لمنتخب الكويت ، والروماني كوزمين أولاريو اسمًا المدير الفنى لمنتخب الإمارات.