الأربعاء 10 سبتمبر 2025 12:25 صـ 16 ربيع أول 1447 هـ
كورة 180
Embedded Image
×

الدكتورة هبة إسماعيل تكتب: ثقافة الالتزام… بين الوعي وتطبيق القانون

الثلاثاء 9 سبتمبر 2025 12:54 مـ 16 ربيع أول 1447 هـ

في مجتمعاتنا، كثيرًا ما نعوّل على الوعي الفردي، ونراهن على الأخلاق والمسؤولية الذاتية في تنظيم الحياة اليومية.
فنطلب من المواطن أن يلتزم، أن يتحلى بالمسؤولية، أن يحترم النظام، وأن يُعلّي من قيمة المصلحة العامة… وهذا أمر محمود لا شك فيه.

لكن الواقع أحيانًا يضعنا أمام تساؤلات عميقة:
هل يكفي الوعي وحده لصناعة مجتمع منضبط؟
وهل الالتزام يمكن أن يستمر دون مظلة قانونية تحميه وتدعمه؟

الملاحظة البسيطة التي يتفق عليها كثيرون هي أن عدم العدالة في التطبيق — وليس في النصوص — قد يؤدي تدريجيًا إلى تراجع في مستوى الالتزام.
فحين يشعر الأفراد أن هناك استثناءات، أو أن الخطأ يُغضّ الطرف عنه، تبدأ القيم في التآكل. ليس لأن الناس بلا أخلاق، ولكن لأن البيئة المحيطة لا تهيئ لهم مناخًا يحفز على السلوك الصحيح.

ومع الوقت، يتحول الخطأ إلى عادة، ثم إلى واقع مُسلَّم به، بل ويُبرَّر أحيانًا.
وهنا تتكون فجوة بين ما نُشَرّعه من قوانين، وما نُطَبّقه فعليًا على الأرض.

القانون العادل حين يُطبَّق على الجميع بلا استثناء، يُصبح هو الداعم الأكبر للوعي والأخلاق.
فالناس تحتاج إلى قواعد واضحة، وعدالة مستقرة، حتى يشعروا أن التزامهم له قيمة، وأن صبرهم وجهدهم لا يضيع سُدى.
ولذلك، فإن بناء مجتمع منضبط لا يقوم فقط على النوايا الحسنة، ولا على التعليم والتربية وحدها، بل يحتاج إلى منظومة متكاملة يتشارك فيها الجميع:
- أفراد لديهم وعي
- ومؤسسات تطبّق القانون
- وبيئة تحفّز الالتزام وتقدّره

ختامًا، يبقى القانون ليس أداة للعقاب، بل وسيلة لضمان العدالة، و دعم السلوك الإيجابي ليصبح هو القاعدة وليس الاستثناء.
فكلما اقتربنا من العدل، اقتربنا من مجتمعات أكثر التزامًا واستقرارًا.